ما مصادر قيام عمر (لعنه الله) بكسر ضلع الزهراء عليها السلام؟ وهل وُلد المحسن (عليه السلام) في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

‏بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم الى يوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شيخنا الجليل ياسر الحبيب

اشكركم جزيل الشكر على محاضراتكم الاخيرة الرائعة, وهذا ما كنا ننتظره منك وما آتيتنا به كان اروع, أرجو أن تستمروا هكذا, ونحن ننتظر منكم المزيد في شهر محرام الحرام وأن لاتبخل علينا ياشيخنا الجليل.

شيخنا الجليل عندي عدة أسئلة .

السؤال الاول حول مظلومية الزهراء عليها السلام: لقد بحثت كثيراً عن مصادر تكتب كسر ضلع الزهراء عليها السلام وإسقاط جنينها على يد المجرم عمر بن صهاك في كتب السفيانيين ولكني لم أوفق, فهل هناك من أم مصادرهم ومن أوثق كتبهم يورد ما نقول؟ وما هي؟؟.

السؤال الثاني: المحسن الشهيد عليه السلام, هناك روايتان متناقضتان في شأنه الأولى

-لما ولد الحسن سميته حربا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أروني ابني ما سميتموه قال: قلت حربا قال: بل هو حسن فلما ولد الحسين سميته حربا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أروني ابني ما سميتموه قال: قلت حربا قال: بل هو حسين فلما ولد الثالث سميته حربا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أروني ابني ما سميتموه قلت حربا قال: بل هو محسن ثم قال: سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر.

وردت في مسند احمد

والثانية: سمعت ابن اسحق قال: فولدت فاطمة لعلي: الحسن، والحسين، ومحسن، فذهب محسن صغيراً. وردت هذه الرواية في السيرة النبوية وفي كتب أخرى.

أي الروايتين اوثق (( من منظارهم )), وكيف نرد على الناصبي البسيط إن قال لنا إنه ولِدَ في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله.


باسمه تقدّست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيد الأحرار والشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) وجعلنا الله تعالى ممن يثأر له مع ولده المنتظر المهدي صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف وجعلنا الله ممن يستشهد بين يديه).



ج1: تعرّضت حادثة الحملة الإجرامية على الزهراء البتول (صلوات الله عليها) إلى محاولات مستميتة من النواصب والمخالفين لطمسها ودفنها، من خلال حذف أو تغييب الروايات الصريحة المنقولة في هذا الشأن. وما كان قيامهم بهذه المؤامرة إلا لأن إبقاء شواهد هذه الحادثة سينسف كل احترام يمكن أن يشعر به المسلم تجاه شخصية عمر بن الخطاب (لعنة الله عليه) أو أضرابه المشاركين في الحملة الإجرامية عليهم جميعا لعائن الله تترى.

كمثال على عمليات الحذف والتزوير التي قاموا بها؛ ما نراه اليوم في كتاب (المعارف) لابن قتيبة، فإنك لو رجعت إلى طبعته المتداولة اليوم لوجدت فيها هذه العبارة التي تتحدث عن المحسن الشهيد (صلوات الله عليه) وهي: "أما محسن بن علي، فهلك وهو صغير"! (المعارف ص211).

لكنك لو رجعت إلى النسخة الأصلية القديمة – التي طمروها – لوجدت فيها بدلا عن تلك العبارة: "أما محسن بن علي ففسد من زخم قنفذ العدوي"! (نقله عن المعارف ابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب ج3 ص352).

وشتان بين العبارتيْن كما ترى؛ فإن الأصلية معناها أن المحسن (صلوات الله عليه) لم يمت بشكل طبيعي، وإنما أسقطه قنفذ لعنة الله عليه. وأنت خبير بأن نسبة ابن قتيبة سقوط المحسن إلى قنفذ هي محاولة الماكر للتغطية على جريمة الفاعل الأصلي؛ ابن الخطاب عليه اللعنة. فإن قنفذ لم يكن سوى مشارك في الحملة الإجرامية.

إلا أنه ومع كل محاولات الطمس والتغييب؛ أفلتت من القوم بعض الروايات والشواهد التي تذكر بصراحة ما وقع من ابن صهاك وعصابته (عليهم اللعنة) على بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإنهم وإنْ حذفوا موارد التصريح؛ بقيت موارد التلميح، كما بقيت آثار هذه الواقعة في التراث الشعري والأدبي، بحيث يشعر كل من يطالع التأريخ أنها واقعة مسلّمة لا يمكن دفعها ولا إنكارها، وأن شيئا ما وقع من القوم الظالمين تجاه الزهراء (عليها السلام) وقد كان فادحا إلى درجة تبرؤها منهم وغضبها عليهم ومقاطعتها لهم ودعائها عليهم في كل صلاة، وهي المواقف التي رووها بكثرة في مصادر شتى.

وما يهمنا الآن – استجابة لطلبكم - هو ذكر بعض المصادر التي ورد فيها التصريح بجزئية كسر الضلع وإجهاض الجنين، فمنها ما رواه أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي دارم التميمي، الذي هو عندهم محدّث الكوفة الحافظ الفاضل الموصوف بالحفظ والمعرفة باعتراف أشهر علمائهم في الرجال وهو الذهبي (راجع ما يذكره فيه في سير أعلام النبلاء ج15 ص676).

وقد روى ابن أبي دارم: "إن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن"!! (ميزان الاعتدال ج1 ص139).

وبسبب روايته لهذا النص الصريح ارتبك المخالفون فلم يجدوا – كما فعل الذهبي – غير اتهام ابن أبي دارم بالرفض والتشيع آخر عمره بعدما كان مستقيما في البداية على حدّ زعمهم!

أما إبراهيم بن سيّار النظام فقد روى هو الآخر: "إن عمر ضرب فاطمة يم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان عمر يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها! وما كان بالدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين"!! (رواه عنه الشهرستاني في الملل والنحل ج1 ص59 والصفدي في الوافي بالوفيات ج6 ص17).

ولم يسع زعماء المخالفين تجاه ما رواه النظام إلا التشنيع عليه ووصمه بالضلال وأنه كان معتزليا، مع علمهم بأنهم في كثير من أصولهم يرجعون إلى المعتزلة، وأن النظام كان من الأجلاء عندهم كما هو حال كثير من رموز المعتزلة، ومنهم ابن أبي الحديد وشيخه أبي جعفر الإسكافي الذي قال قولته المشهورة اعتراضا على ما صنعه عمر وتخطئة له: "لمّا ألقت زينب ما في بطنها أهدر رسول الله دم هبّار لأنه روّع زينب فألقت ما في بطنها، فكان لابد أنه لو حضر ترويع القوم فاطمة الزهراء وإسقاط ما في بطنها لحكم بإهدار دم من فعل ذلك"!

وقد سأله ابن أبي الحديد: "أروي عنك ما يرويه بعض الناس من أن فاطمة رُوِّعت فألقت محسنا؟ فقال: لا تروه عني ولا تروِ عني بطلانه"! (شرح النهج ج14 ص192).

ولاحظ هنا أن الإسكافي وابن أبي الحديد كانا ممن يوالي عمر لعنه الله، غاية ما هناك أنهما يخطئانه في بضع أمور هذه واحدة منها، لا يمكن القول أنهما من الشيعة المتعصبين ضده مثلا، كما يرمينا مخالفونا دوما. ولاحظ أيضا أن الإسكافي خشي على نفسه من أن يروي ابن أبي الحديد هذه الحقيقة عنه فطلب منه أن لا يروي عنه لا ثبوته ولا بطلانه! ولاحظ أخيرا أن كلام الإسكافي كان في مقام التعليق لا الرواية، بمعنى أن القضية مشهورة إلى حدّ أنه يستدل على إهدار دم من هاجم فاطمة (عليها السلام) بقضية إهدار نبي الله (صلى الله عليه وآله) دم هبّار (لعنه الله) الذي روّع ابنته زينب (عليها السلام) فأسقطت جنينها. لذا نقول أن آثار هذه الحادثة تجدها في كل مكان، وليس بوسع أحد التغطية عليها كلّها!

فهذه نصوص صريحة في جزئية كسر الضلع وإسقاط الجنين، وسائر جزئيات ومفردات ظلامة الزهراء (صلوات الله عليها) تجدها متنوعة وفي كثير من المصادر، ليس ههنا محلّها، فارجع إليها إن شئت في الكتب الخاصة بهذا الشأن.



ج2: تردّ عليه بأن الاختلاف الواقع عندكم في ميلاد المحسن (عليه السلام) ووفاته، وثبوت روايات فيها ذكر إسقاطه، يورث الاطمئنان إلى أن ميلاده لم يكن طبيعيا، ولا وفاته كانت كذلك، وإنما جرى الأمر بفعل فاعل، وإلا لو لم يكن الأمر كذلك لما وقع التناقض والاختلاف والتشويش فيه إلى هذا الحد، لأن المولود ليس نكرة! فهو مولود لبيت هو من أشرف البيوت – بيت رسول الله صلى الله عليه وآله - الذي كان محطّ أنظار المسلمين في ذلك الزمان، يسجّلون كل ما يقع فيه من كبيرة وصغيرة. فلا يُعقل أن لا يرتاب المحقق المنصف في أمر وفاة المحسن (عليه السلام) التي أُحيطت بكل هذه الضبابية. وإن الضباب ينقشع والغمامة تزول بملاحظة ما ثبت وصحّ وأجمعت عليه الأمة من أن رجالا يتقدّمهم عمر بن الخطاب (لعنة الله عليه) قد هجموا على دار الزهراء (عليها السلام) وهدّدوها بالإحراق والقتل! فمن خلال هذه النافذة إذا نظر المحقق المنصف إلى التاريخ فإنه يعلم مصير المحسن الشهيد المقتول بأبي هو وأمي، لأن مَن يهدّد بالقتل والإحراق لا يُستبعد منه فعل أي شيء، بما في ذلك كسر ضلع الطاهرة وإجهاض جنينها.

زادكم الله علما ويقينا وشرفا وفضلا. والسلام.

ليلة الثامن من محرم الحرام لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp