ما هي دوافع أبي لؤلؤة لقتل عمر؟ وما موقف الإمام علي عليه السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

الشيخ ياسر الحبيب غفر الله لنا وله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما وقد أمنت على حشركم مع ابا لؤلؤة فلا املك الا المباركة والتأمين كذلك ، لكن هل يتسع صدر سماحتكم لعدد من الاسئلة واعتذر لاني لا استطيع الدخول لموقعكم على الشبكة كونه محجوبا ولله الحمد :

السوال الأول: ماهي دوافع ابو لؤلؤة لقتل رجل كعمر وهو خليفة المسلمين ؟
السوال الثاني: ماذا كان موقف علي بن ابي طالب من استشهاد عمر ؟ :
السوال الثالث: كيف تقارن شجاعة علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه بشجاعة ابو لؤلؤة ؟
السوال الرابع :اين مات ابو لؤلؤة ؟


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ج1: أولا؛ إن عمر (عليه لعائن الله) لم يكن خليفة المسلمين! بل كان خليفة أبي بكر، فإن المسلمين لم يختاروه كما هو معلوم، وإنما قد اختاره صاحبه أبو بكر قبيل هلاكه فجعله حاكما على المسلمين قهرا ودون مشورتهم، بل إنهم قد اعترضوا على ذلك فقالوا: ”قد وليت علينا فظاً غليظاً“! (الملل والنحل ج1 ص28) على أن المسلمين أنفسهم لو أنهم اختاروا عمر لما كان ذلك بجائز أيضا، ولما أكسبه شرعية الخلافة، لأنهم بذلك يكونون قد خالفوا النص الشرعي الذي جاء بتنصيب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما الصلاة والسلام) خليفة بعد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما ثانيا؛ فإن دافع المؤمن البطل أبي لؤلؤة فيروز النهاوندي (رضوان الله تعالى عليه) لقتل عمر كان هو الانتقام لفاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها) والاقتصاص من قاتلها الذي هو عمر لعنة الله عليه، هذا على ما استُفيد من روايات أئمتنا (عليهم الصلاة والسلام) وأصحابهم. أما ما رُوي عن طرق المخالفين، فهو أن أبا لؤلؤة انتقم لنفسه من القضاء الجائر الذي قضى به عمر عليه حين تخاصم مع المغيرة بن شعبة (عليه لعائن الله) في الأجر. والأوّل هو الصواب.
ج2: أولا؛ إن عمر لم يستشهد! بل هلك وذهب إلى جهنم وبئس المصير! ذلك لأن الشهيد لا يدعو على نفسه حين الاحتضار بالويل والثبور! ولا يتمنى أن يكون تبنة من حائط! ولا يسبّ ابنه بقوله: لا أمّ لك! فالشهيد يكون مطمئن النفس حين احتضاره فيذكر الله تعالى وهو يرى أبواب الجنان قد فُتحت له، أما عمر فلم يكن كذلك بل كان مضطربا يلصق خدّه بالأرض ويدعو بالويل على نفسه ويسبّ ويشتم ابنه! ما يعني أنه لم يكن شهيدا وأنه كان يرى أبواب جهنم قد فُتحت له!
روى ابن شبّة عن ابن عمر قال: ”كان رأس عمر رضي الله عنه في حجري حين أصيب، فقال لي: يا عبد الله ضع رأسي بالأرض، فجمعت ردائي تحت رأسه فمات وإن خدّه لعلى الأرض، وقال: ويل لعمر وويل أمّه إن لم يغفر الله له“! (تاريخ المدينة ج3 ص918).
وروى ابن سعد بسنده عن عثمان بن عفان قال: ”أنا آخركم عهدا بعمر، دخلت عليه ورأسه في حجر ابنه عبد الله بن عمر، فقال له: ضع خدي بالأرض! قال: فهل فخذي والأرض إلى سواء؟ قال: ضع خدي بالأرض لا أمّ لك! - في الثانية أو الثالثة - ثم شبك بين رجليه فسمعته يقول: ويلي! وويل أمي إنْ لم يغفر الله لي! حتى فاضت نفسه“! (الطبقات الكبرى ج3 ص360).
وروى ابن شبّة عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: ”رأيت عمر رضي الله عنه أخذ تبنة من حائط، فقال: يا ليتني كنت هذه التبنة! يا ليتني لم أخلق! يا ليت أمي لم تلدني! يا ليتني لم أكُ شيئا! يا ليتني كنت نسيا منسيا“! (تاريخ المدينة ج3 ص920).
ووصل به جزعه إلى أن يتمنى أن يكون عذرة! أي غائطا! حيث روى المتقي الهندي عن الضحاك قال: ”قال عمر: يا ليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم، حتى إذا كنت أسمن ما أكون زارهم بعض من يحبون فجعلوا بعضي شواء وبعضي قديداً ثم أكلوني فأخرجوني عذرة ولم أكن بشراً“! (كنز العمال ج12 ص619).
فهذه كلّها من مصادر المخالفين، ولو أنهم تدبّروا فيها لعلموا بأن عمر لا يمكن أن يكون شهيدا ولا يمكن أن يكون مؤمنا! لأن هذه ليست من صفات المؤمنين، فالمؤمن لا يسبّ من لا يستحق السبّ، فإن السبّ من الكبائر! والمؤمن لا يجزع عند الموت، فإنه لا يجزع عند الموت إلا القوم الكافرين! والمؤمن لا يتمنى أن يكون حيوانا كالكبش وقد كرّمه الله تعالى فجعله إنسانا! والمؤمن لا يتمنى أن يكون نجاسة من النجاسات كالعذرة والغائط!
على أن عمر يعترف على نفسه بأنه قد ارتكب من الذنوب العظام ما يخشى أن لا يغفر الله تعالى له! ولو أنه كان حقا من المبشّرين بالجنة كما يزعم المخالفون لكان مطمئن النفس بأن الله تعالى قد غفر له كل شيء ارتكبه! لكن الأمر لم يكن كذلك البتة، ما يكشف أنه لم يكن مبشّرا بالجنة، ولا مشهودا له بالإيمان، وأنه من أهل جهنم حتما.
ثم إن عمر لا يعتبر شهيدا لأنه لم يُقتل مظلوما ولم يكن هو على الحق، بل قُتل ظالما وكان على الباطل كما هو معلوم.
أما موقف مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهما) من مقتل عمر، فلم يكن سوى أن طالب بقتل ابنه في اليوم نفسه! فتصبح مصيبة آل عمر مصيبتان!
فإن عبيد الله بن عمر (عليهما اللعنة) قام بقتل الطفلة المسلمة البريئة ”لؤلؤة“ فاستفزّ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فجاء كي يقتص من عبيد الله لكن هذا الأخير احتمى بابن عفان (عليه اللعنة) فتوعّده أمير المؤمنين بأنه لا ينسى جريمته وسيقتص منه عاجلا أم آجلا، ولذا فإن الخلافة عندما عادت إلى صاحبها الشرعي وهو أمير المؤمنين عليه السلام؛ فإن عبيد الله بن عمر هرب من المدينة والتحق بمعاوية بن أبي سفيان عليهما لعائن الله!
روى ابن عساكر بسنده عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: ”قال علي لعبيد الله بن عمر: ما ذنب بنت أبي لؤلؤة حين قتلتها؟! قال: فكان رأي علي حين استشاره عثمان ورأي الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله“. (تاريخ دمشق ج38 ص68).
وروى ابن سعد عن الزهري: ”وكان علي بن أبي طالب لما بويع له أراد قتل عبيد الله بن عمر فهرب منه إلى معاوية بن أبي سفيان فلم يزل معه فقتل بصفين“. (الطبقات الكبرى ج5 ص17).
ج3: لا وجه للمقارنة، فإن شجاعة أبي لؤلؤة لا تساوي شيئا أمام شجاعة سيف الله الغالب علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهما. غير أن جُبن عمر بن الخطاب وخواره لا يساوي حتى بصقة من بصقات الشجاع أبي لؤلؤة رضوان الله تعالى عليه! وكيف يمكننا المقارنة بين الذي لم يثبت في التاريخ أنه قد قتل حتى كافرا واحدا في الغزوات وبين مثل أبي لؤلؤة؟!
ج4: مات في كاشان ودُفن هناك عليه سحائب الرضوان.

هدانا الله وإياكم إلى سواء السبيل. والسلام.

ليلة الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp