هل ذُكر اسم مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في القرآن صراحة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بمناسبة مولد أمير المؤمنين سيدنا علي بن ابي طالب عليه السلام احب أن أهنئكم يا شيخنا الفاضل

من ثم إسمحوا لي ان استفسركم عن سبب عدم ذكر إسم أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب الله طبعا أنا اقصد بالنسبة للإمامة وهل كان هنالك أوصياء في زمن الرسل والانبياء عليهم السلام السابقين


باسمه جلت أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نبادلكم التهنئة بميلاد مولى الموحدين صلوات الله وسلامه عليه ونسأله تعالى أن يعيدها من قابل وقد ظهر إمامنا المهدي المفدى أرواحنا فداه.

على خلاف ما هو شائع فإنّا نميل إلى أن مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) مذكور بالاسم صراحة في القرآن الحكيم. وفي ذلك روايات عدّة غير أنّا نرى أكثرها جلاء وانطباقا على المراد الآية الكريمة: "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41).

وقد ورد في تفسيرها عن الصادق عن الباقر عن زين العابدين (عليهم الصلاة والسلام) أن عمر بن الخطاب (لعنة الله عليه) قال يوما لرسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنك لا تزال تقول لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى.. فقد ذكر الله هارون في أم القرى ولم يذكر عليا!" فردّ عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلا: "يا غليظ يا جاهل! أما سمعت الله يقول: هذا صراطُ عليٍّ مستقيم"؟! (مناقب ابن شهر آشوب ج2 ص302 وغيره).

كما قد ورد في سبب نزول الآية أصلا عن أبي جعفر الباقر (صلوات الله عليه) عن أبي برزة أنه قال: "بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ قال وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) إلى آخر الآية.

فقال رجل: أليس إنما يعني (الله فضّل هذا الصراط على ما سواه)؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: هذا جفاؤك يا فلان! أما قولك: فضّل الإسلام على ما سواه فكذلك. وأما قول الله: (هذا صراطي مستقيما) فإني قلت لربي مقبلا من غزوة تبوك الأولى: (اللهم إني جعلت عليا بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة له من بعدي، فصدّق كلامي وأنجز وعدي واذكر عليا كما ذكرت هارون، فإنك قد ذكرت اسمه في القرآن - فقرأ آية - فأنزل تصديق قولي: (هذا صراطُ عليٍّ مستقيم). وهو هذا جالس عندي، فاقبلوا نصيحته، واسمعوا قوله، فإنه من يسبّني يسبّه الله، ومن سبّ عليا فقد سبّني". (تفسير فرات الكوفي ص43).

وهاهنا على الأرجح أن يكون (الرجل والفلان) أبو بكر أو عمر لعنهما الله كما يتضح من كنى روايات المثالب.

كما قد ورد عن أبي حمزة الثمالي (رضوان الله عليه) عن أبي عبد الله الصادق (صلوات الله عليه)، قال أبو حمزة: "سألته عن قول الله عز وجل: (قال هذا صراط علي مستقيم). قال: هو والله علي عليه السلام، وهو والله الميزان والصراط المستقيم". (تفسير البرهان ج2 ص344).

ومن طريق المخالفين ورد ما يؤيد ذلك، إذ روى الحاكم عن سلام بن المستنير الجعفي: "دخلت على أبي جعفر - يعني الباقر عليه السلام - فقلت: جعلني الله فداك إني أكره أن أشقّ عليك فإن أذنت لي أسألك؟ فقال: سلني عما شئت. فقلت: أسألك عن القرآن؟ قال: نعم. قلت: قول الله تعالى في كتابه: (هذا صراط علي مستقيم)؟ قال: صراط علي بن أبي طالب. فقلت: صراط علي بن أبي طالب؟! فقال: صراط علي بن أبي طالب". أي أن الإمام يؤكد أنه صراط جده علي صلوات الله عليه. (راجع شواهد التنزيل للحاكم ج1 ص78).

إلا أن المخالفين يقرأون هذه الآية على المشهور بينهم قراءة خاطئة، أي هكذا: "هذا صراطٌ علَيَّ مستقيم"، بتنوين (صراط) وفتح اللام و مع أن سياق الآيات لا يشفع لهذه القراءة بل يشفع للقراءة المرويّة عن أهل البيت (صلوات الله عليهم)، ذلك لأن الآيات في مقام محاورة بين الله جل جلاله وبين إبليس (لعنه الله)، فيقول إبليس: "قال ربّ بما أغويتني لأزيّننَّ لهم في الأرض ولأُغويّنهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلَصين" فيردّ الله تعالى عليه بالقول: "قال هذا صراطُ علِيٍّ مستقيم. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبّعك من الغاوين".

فالسياق يُظهر أنه سبحانه في مقام تبيان جهوية الاستقامة في قبال انحراف طريق إبليس، لا في مقام مآلية الاستقامة إليه سبحانه كما زعموا، وهذا واضح لكل من تذوّق لغة القرآن وإلا ما كان هناك تمييز في الآية السابقة والآية اللاحقة بين الفريقين (العباد المخلَصين) و(العباد الغاوين).

وعلى هذا فلا تنفع قراءتهم (علي) بفتح اللام، كما لا تنفع قراءتهم لها على أنها وصف للصراط - أي بالرفع كما قرأ بعضهم كقيس بن عباد وابن سيرين وقتادة - لأن السياق أيضا لا يسعف هذا التأويل، فليس المقام مقام بيان نعتية الصراط، لذا فإن الأصح هو القراءة المروية عن أهل البيت (صلوات الله عليهم) أي إضافة (علي) وكسر اللام والياء. ليكون المعنى أن صراط الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) هو صراط مستقيم ليس للشيطان على سالكيه سبيل في إغوائهم.

وقد رُويت هذه القراءة عن طريقهم أيضا، في ما حكاه محمد بن مؤمن الشيرازي في تفسيره عن شعبة عن قتادة عن الحسن البصري أنه كان يقرأ الحرف "هذا صراطُ علِيٍّ مستقيم". قال قتادة للحسن: ما معناه؟ فقال: هذا صراط علي بن أبي طالب. (عن تفسير محمد بن مؤمن الشيرازي - وهو من علمائهم - راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج2 ص302 والطرائف لابن طاووس ج1 ص96).

ولا يخفى أن هذا الاستنتاج ليس معناه تحريف القرآن وإنما تحريف القراءة، وهم مختلفون في قراءاتهم حتى اليوم وليس اختلاف القراءات عندهم بممنوع بل هو عندهم مشروع، ونحن إنما نتمسك إن شاء الله تعالى بقراءة أئمتنا للكتاب العزيز، ولا نرى مشروعية - من حيث الأصل - لاختلاف القراءة إذ في اختلافها تحريف لمعنى الآيات الكريمة. وعلى ما تقدّم يتضح لك أن اسم (علي) صلوات الله عليه مذكور في القرآن صراحة وإنما قرأوه على نحو آخر خلافا على أئمة الوحي ولئلا يعرف المسلمون الحق، وأن الحق مع علي، لا مع غيره، وأن صراطه هو الصراط المستقيم، لا صراط غيره من أئمة الكفر والضلال.

وثمة روايات عديدة في أن اسم (علي) صلوات الله عليه مذكور في آيات عدّة، فراجع. لكن الأظهر عندي هو المثال الذي تقدّم.

وآية (هذا صراطُ علِيٍّ مستقيم) واضحة الدلالة على إمامته صلوات الله وسلامه عليه.



أما الإجابة على الشق الثاني من سؤالكم، فنقول: نعم. قد ورد عندنا معتبرا عن أئمتنا المعصومين (عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام) أن لكل نبي وصي، وأن لكل وصي وصي، سواء كان الموصي أو الموصى إليه نبيا أم لا، حسب التسلسل الزمني.

فوصي آدم كان شيث، ابنه، عليهما السلام.

ووصي نوح كان سام، ابنه، عليهما السلام.

ووصي سليمان كان آصف بن برخيا، عليهما السلام.

ووصي موسى كان يوشع بن نون، عليهما السلام.

ووصي عيسى كان شمعون الصفا، عليهما السلام.

ووصي محمد صلى الله عليه وآله، كان عليا عليه السلام.

وذلك أن الأرض لا تخلو من حجة لله يدعو الناس إلى سبيله ويعرّفهم دينه، ووجوب ذلك ثابت بالعقل لثبوت أنه من اللطف الواجب عليه سبحانه وتعالى. وراجع في ذلك كتب علمائنا الأبرار في الكلام تجد ما فيه النفع إن شاء الله تعالى.

وفقكم الله لما فيه الخير وجزيل الثواب. والسلام.

الرابع عشر من شهر رجب الأصب لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp